کد مطلب:306536 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:254

نجم البتول یلتمع فی الافق


.. اجل سیدتی و مولاتی، سطع نورك البهی علی كل رحاب الوجود.. فأنت الحب الحقیقی الذی تتوق الیه قلوب محبیكم.

فها هو نورك یتلألأ فی الآفاق.. وها هی الابصار تنظر الیه لتقبس منه نبراساً لنفسها.

تمنی اهل الارض ان ینالهم جزء من شعاع ذلك النبراس.

.. فاشرأبت الاعناق لتلتقطه، وود الجمیع لو یبلغ حزمة من نورك.. فالبتول هی صاحبة ورائدة الفكر الذری فی اوجه، فما كان اشرئباب الاعناق الا لتنال من ذلك العلم، والفكر والمقام والمنزلة الرفیعة عنداللَّه.

.. لقد كنت سیدتی غایة من الغایات التی لا تدرك.. فلما استنارت


فلما استنارت فی سماء الرسالة شمس جمالها

و تم فی اُفق الجلالة بدر كمالها


امتدت الیها مصارع الافكار

و تمنت النظر الی حسنها ابصار الاخیار


و خطبها سادات المهاجرین و الانصار

ردهم المخصوص من اللَّه بعدم الرضا


و قال: (انی انتظر بها القضاء) [1] .

(بلی): فلقد صار هذا النور الازهر محط كل نظر و فكر.

حتی دخل علیها ابوها رسول اللَّه صلی اللَّه علیه و آله و سلم ذات یوم، و حیث البتول كانت بین


دموع و خشوع قائمة فی محرابها تصلی نافلتها.

.. مرت لحظات ثمّ دقائق من سكون و صمت إلّا دوی دعاء الزهراء.

ثم ما تلی تلتت حینما احسنت بنور الرسول قد كللها و قد علا محیاها فیض ابتسامة، اذ ما تزال عیناها تترقرق فیهما الدموع.. فتفغر شفتیها عن طیف بسمة.. یلوحها حزن وحب، ثم ما تنطوی خلفها من سعادة وامل، و هی تنظر الی وجه ابیها، تلك النظرة العمیقة العریقة الاحاسیس، المملؤة بالترحیب و التجلیل لهذا الاب الرحیم.

.. ثم تنكب علی یدیه الشریفتین تقبلهما و ترسلهما علی خدیها فیلتقی سنا العیون بالعیون، لیفصح الوالد الكریم عن اسم خاطب جدید تقدم یطلب یدها.

.. و كأنی برسول اللَّه یقول:

.. فاطمة بنیتی.

فترفع الزهراء رأسها لتعرب له بالاصغاء، لما یرید قوله (نعم یا رسول اللَّه).

و بعد همس لبضعة من الكلمات الرقیقة الحاویة لمعانی الادب الرفیع و تریثاً من النبی بأبنته، یأخذ بزمام الشریعة السمحاء التی شرعها الاله لیستشیر كریمته- (فاطمة).

ثم قال:

- (حبیبتی) ان فلان من الناس تقدم یخطبك منی، فما تقولین؟

.. عند ذلك ترتعش اوصال الزهراء حیاءاً، و تسری رجفة من داخل عروقها (و كأننی) بها تحدث نفسها: (ماذا اقول)؟!!

.. لكن اخلاق الزهراء ارفع مما تكون الرفعة نفسها، فیفهم الاب رفض ابنته.. فیسلم علیها ثم یستأذنها بالخروج و هكذا ترفض الزهراء كل خاطب تقدم الیها.

.. تكرر فیفهم الجمیع (آنها ترفض الاقتران بأحد).


فیدبروا الذین لم یفوزوا بهذا الشرف العظیم بعد ما ابدوا ما استطاعوا من تبجحهم، بأنهم المجاهدون فی سبیل الاسلام، و لهم نصیب من السجایا التی یظنونها تكبّرهم و تجللهم امام بنت المصطفی.. فترفع و لو بجزء من شأنهم، لانه الطریق الی قلب كل امرأة و بالخصوص لمثل الزهراء.. ناهیك عن عروض المال و الثروات التی یظنونها باعثا من بواعث السعادة والنعیم والتمتع بالحیاة لدی اغلب النساء، لانها لا تبغی الا عُشاً دافئاً یحتضنها و یرعاها بعیش رغید.

لكن الزهراء ما كانت ترید هذا و لا ذاك.

.. نعم هذه هی كانت احلام من تقدم الی خطبة زهراء الرسول، لكن الریح عصفت بتلك التخیلات والاحلام و صیرتها هباءاً.

انه حلم جمیل كانت اجفانهم تغفوا علیه استئناساً منهم بلحظة السعادة التی یتوقون الی نیلها.

فی حین آخر تسمع همس و دمدمة الالسن مبهوته (من یا تری الذی سیكون سعید الحظ دنیا و آخرة فیصاهر النبی)؟!


[1] المستدرك للحاكم النيسابوري. مستدرك التلخيص، كنزالعمال و بهامشه منتخب العمال، نزهة المجالس، ذخائر العقبي، مجمع الزوائد و منبع الفوائد، نورالأبصار، البزاز للطبراني، المناقب للشافعي، تاج الأصول الجزء الثالث، ينابيع المودة.